بوابة عدن-وكالات:
تسعى الحكومة اليمنية للإسراع في إزالة كافة العراقيل التي قد تواجه إعادة تشغيل مصفاة عدن باعتبارها المورد الحصري لجميع المشتقات النفطية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وزارة النفط والمعادن أعلنت مطلع اغسطس الماضي أنها بصدد وضع اللمسات لإعادة تشغيل المصفاة بكامل طاقتها قبل نهاية العام الجاري.
وشددت على ضرورة تصحيح الاختلالات المالية والإدارية ومعالجة مطالب العاملين والنقابة من أجل تأمين أكبر قدر ممكن من احتياجات السوق المحلية في ظل ارتفاع تكاليف التوريد المنجرة عن تداعيات الحرب في أوكرانيا.
ووفق الخبر الرسمي فقد ناقش وزير النفط سعيد الشماسي مع قيادة المصفاة، التي تبلغ طاقتها الإنتاجية اليومية 240 ألف برميل، الصعوبات والتحديات التي تواجه عمل الشركة، والاحتياجات الضرورية لتعزيز أدائها.
ولفت الشماسي إلى صدور توجيهات رئيس مجلس القيادة بإعادة النظر في استصدار التراخيص الخاصة بالسفن النفطية، بشكل يضمن وصول الكميات الكافية إلى ميناء عدن لتغطية السوق المحلية بالمحروقات.
كما حث قيادة المصفاة على تسريع عودة عمل الشركة واستكمال مشروع ورشة الكهرباء والخزانات الجديدة، وتسهيل وصول الخبراء الصينيين للإسراع في عملية استكمال تلك المشاريع.
وفي أواخر شهر سبتمبر المنصرم أصدر المدير التنفيذي لشركة مصافي عدن، م/احمد مسعد سعيد، قرار بتعيين، د.محمد احمد السقاف مديراً جديدا للمصفاة.
ويشكو السكان من شح المحروقات في السوق وارتفاع أسعارها بشكل كبير بسبب الحرب لينضاف إلى همومهم عجز الحكومة عن تأمين الإمدادات من الخارج في ظل تداعيات الأزمة في شرق أوروبا التي دفعت الأسعار إلى التحليق عاليا.
وتتصدر أزمة مصافي عدن، أكبر منشآة لتكرير النفط في اليمن، جل اهتمامات المجتمع المحلي في العاصمة المؤقتة، ولفتت اهتمام الحكومة، إذ قام رئيس الوزراء معين عبدالملك، في وقت سابق، بزيارة إلى المصفاة، وأكد على ضرورة إعادة تشغيلها.
ورغم ذلك، لا يظهر تحرك جاد لتشغيل المصفاة، فيما شهدت الفترات الماضية تبادل اتهامات وتوجيه تهم بالفساد لإدارة المصفاة من قبل اللجان النقابية لشركة مصافي عدن، ومزاعم حول تحويل المصافي إلى مجرد خزانات، يقابلها رفض الإدارة لما تعتبره تهمًا جزافية لا تتعاطى مع الواقع وإشكالاته المختلفة التي تعرقل عودة عمل المصفاة. فما هي قصة السجال الدائر ورؤية إدارة المصفاة للأزمة والاتهامات لها بالفساد؟
في الوسط النقابي، وبين عدد من موظفي المصفاة، قناعة راسخة بأن تعطيل المصفاة متعمد، ويتم عرقلة تشغيلها وعدم سداد مديونيات حكومية وأخرى لدى القطاع الخاص تجار وقود.
وسبق لرئيس مجلس اللجان النقابية للمصافي غسان جواد، في تصريحات صحفية، القول إن تجار الوقود يرون أنه ليس من مصلحتهم تشغيل المصافي، ويستخدمون خزانات المصافي لخزن الوقود الخاص بهم، وكذلك تفعل الحكومة، وهناك مديونيات متراكمة على الطرفين للمصفاة لم يتم سدادها من قبلهم، مما يمثل أحد عوامل إعادة تشغيل المنشآة.
قيادة اللجان النقابية تعتقد أن تشغيل المصفاة من عدمه قرار سياسي، وترى أن عدم إنجاز محطة كهرباء المصفاة رغم قدرتها المطلوبة 15 إلى 17 ميجاوات، السبب الرئيسي لفرض التعطيل، مشيرة إلى أن محطة بترومسيلة مثلًا أنجزت بقدرة 260 ميجاوات، رغم أن الدولة أقرت مشروع محطة المصفاة قبل إقرارها محطة بترومسيلة.
وير د مدير مصافي عدن أحمد مسعد سعيد، في تصريحات صحفية، أن “المحطة بحاجة إلى كميات كبيرة من بخار الماء وكميات كبيرة من الضغط تصل إلى 600 رطل بالأنابيب التي تمتد إلى كل الوحدات، ليتم تبريد كل الوحدات بكميات من الماء تصل إلى مليون و200 جالون بالساعة، وهو الذي حتم القيام بإنشاء جسر للسماح بوصول مياه البحر إلى موقع المحطة، كون كل السخانات تغلي الخام، وتخرج المواد بعد عملية الفصل لها بدرجة عالية من السخونة.. لو عادت هذه المنتجات ذات السخونة العالية إلى الخزان لاحترقت الخزانات، ولذا لجأنا إلى بناء جسر دولي بلغت تكلفته أكثر من 7 ملايين دولار، ودون هذا الجسر لن تصل المياه لتشغيل المصافي، التي قامت بأدوار هي من أدوار الدولة نظير ذلك بناء هذا الجسر”.
ووفقًا لإدارة مصفاة عدن، فقد دعت الحاجة لمشروع تأهيل محطة المصفاة بموجب التوصية من قبل الخبراء بضرورة استبدال محطة كهرباء المصافي التي أنشئت في 1982، أكثر من مرة، عامي 1990 و2000، ولجوء الإدارة للاستبدال الجزئي نتيجة التعثر المالي، حسب تصريحات رئيس المصافي أحمد مسعد سعيد، في وقت سابق.
بدأ ذلك عام 2014 على يد فريق صيني غادر أكثر من مرة إلى جيبوتي نتيجة اصطرابات أمنية بعدن، غير أن الأمر -يقول سعيد- فشل، وثبت ذلك عمليًا حينما تسلمنا منحة وقود خام لتكريرها في 2017، وكانت النتيجة أنه في كل عملية تكرير تتفاقم المشاكل الفنية في محطة الكهرباء، وتتوقف وحدة التبريد، الأمر الذي ترتفع معه احتمالية حدوث حرائق ضخمة.
وكانت المصفاة تعمل على تكرير 170 ألف برميل في اليوم، وانخفضت طاقتها الإنتاجية في التكرير إلى 100 ألف برميل في اليوم، وتوقفت مع اندلاع الحرب في اليمن في مطلع 2015.
ويؤكد مدير مصفاة عدن أنه “إذا اشتغلت المصفاة وعادت إلى موقعها الريادي، سوف يتوفر الوقود، ولن يعاني المواطن من انقطاع الكهرباء، بالإضافة إلى ما تعكسه العملية برمتها من تحسن على أسعار الوقود، كونه سوف يكرر من خام البلد ولا يشترى، وستتحكم به الدولة وليس التجار”. غير أنه ينفي مزاعم بوجود الفساد بالشكل الذي تدعيه نقابة المصافي، وقال إن كل اتهام بفساد يتحتم تجاهه وجود لجان تقصٍّ للحقائق.